معن خليل
في مقاله اليوم في نداء الوطن، كتب إيلي إلياس نصًا لا يمتّ بصلة إلى الصحافة ولا إلى المهنية. ما قرأناه لم يكن تحقيقًا ولا تحليلًا، بل بيان كراهية مكتوب بحبر الحقد السياسي والطائفية البغيضة. من الواضح أن الكاتب لم يزر الضاحية يومًا، ولم يرَ إلا ما صوّرته له خيالاته المريضة وأحقاده الحزبية.
اقتصاد أقوى من أوهامكم
يقول إيلي إلياس إن اقتصاد الضاحية قائم على “التهريب والمخدرات”. أي وقاحة أكبر من هذه؟
الضاحية تحتضن أكبر المجمعات التجارية في لبنان.
أسواقها تضج بالناس ليل نهار، ومطاعمها ومؤسساتها تقارن بأكبر مؤسسات العاصمة.
قدرتها الشرائية تفوقت في السنوات الأخيرة على أسواق بيروت نفسها.
فمن يجرؤ على إنكار هذا إلا من يعيش في فقاعة الانعزال والافتراء؟
حياة لا يراها الحاقدون
الكاتب يرسم صورة الضاحية كـ “أحياء مكتظة بلا حياة”. لكن كل من يزور الضاحية يعرف:
جامعاتها، مدارسها، مستشفياتها، انديتها، مراكزها الثقافية، الاجتماعية، والتربوية المنتشرة في كل زاوية.
أنديتها الرياضية والثقافية، مسارحها ومهرجاناتها وأنشطتها الفنية.
مقاهيها ومطاعمها التي يقصدها شباب من كل لبنان.
هذا ليس وصف منطقة ميتة، بل مدينة نابضة، أكثر تنظيمًا وازدهارًا من مناطق كثيرة في لبنان يدّعي الكاتب أنها “راقية”.
أقلام مأجورة لا تصنع رأيًا عامًا
ما كتبه إيلي إلياس ليس رأيًا حرًا، بل محاولة رخيصة للتخويف من “بيئة المقاومة”.
هو لا يكتب كصحافي، بل كناطق باسم يمين انعزالي حاقد لم يخرج من عقلية الحرب الأهلية.
مقاله لا يهدف إلا إلى تشويه صورة مئات آلاف اللبنانيين ووصمهم بما ليس فيهم.
وهو بذلك لا يفضح الضاحية، بل يفضح نفسه وقلة قليلة من أمثاله ممن لا يؤمنون لا بالمواطنة ولا بالعيش المشترك.
الضاحية… عز وفخر
مهما حاولتم التشويه، ستبقى الضاحية الجنوبية:
بيئة المقاومة التي مرغت أنف الاحتلال بالتراب.
المنطقة التي دُمّرت مرارًا وأُعيد إعمارها بعرق أهلها وكرامتهم.
السوق الأكبر، والاقتصاد الأقوى، والحياة الأبهى، التي لا يمكن أن تُطمس بحبر الحاقدين.
الفضيحة لا تمسّ إلا كاتبها
مقال إيلي إلياس ليس إلا صرخة يائس. فالضاحية أقوى من أكاذيبه، وأكبر من خطاباته المأجورة.
الضاحية هي شمس لبنان الساطعة، بينما هؤلاء الكتّاب مجرّد ظلال باهتة تتبخر مع أول ضوء حقيقة.
من لا يرى في الضاحية إلا “الموت”، فلأنه يعيش هو نفسه موتًا سياسيًا وأخلاقيًا، بينما الضاحية، برغم كل شيء، لا تزال تنبض بالحياة… حياة لا تُقاس بعيون الحاقدين، بل بقلوب أهلها وكرامة تاريخها.